
تسلط الورقة البيضاء "سلاسل الإمداد المستدامة" الضوء على الدور المحوري لسلاسل الإمداد في التجارة العالمية وتأثيرها البيئي الكبير، لا سيما من خلال انبعاثات الغازات الدفيئة، واستنزاف الموارد، والتلوث. ومع كون عمليات سلاسل الإمداد مسؤولة عن حصة كبيرة من الانبعاثات العالمية، تواجه المؤسسات ضغوطًا متزايدة للانتقال إلى نماذج أكثر استدامة. وباعتبارها مركزًا لوجستيًا عالميًا، تدرك قطر أهمية دمج الاستدامة في استراتيجيتها لسلاسل الإمداد تماشيًا مع رؤية قطر الوطنية 2030.
تؤكد الورقة على أهمية معالجة انبعاثات النطاق 3 (Scope 3)، والتي تنشأ من سلسلة القيمة الكاملة للمؤسسة، حيث إنها غالبًا ما تتجاوز الانبعاثات التشغيلية المباشرة. وتدفع عوامل مثل الامتثال التنظيمي، وتوقعات المستثمرين بشأن الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية (ESG)، وطلب المستهلكين على ممارسات تجارية مسؤولة باتجاه تبني سلاسل إمداد مستدامة. ومع ذلك، تعيق التقدم تحديات مثل تجزؤ أنظمة سلاسل الإمداد، ونقص البنية التحتية، ومقاومة التغيير. ويتطلب التغلب على هذه العقبات الابتكار التكنولوجي، والحوافز المالية، والدعم السياسي لضمان التحول الناجح.
تركز الورقة البيضاء على استراتيجيات تحوّلية مثل إزالة الكربون، وتبني الاقتصاد الدائري، والمشتريات الخضراء لإنشاء سلاسل إمداد مرنة ومنخفضة الكربون. كما تم تحديد آليات التمويل الأخضر، مثل القروض المرتبطة بالاستدامة والسندات الخضراء، باعتبارها أدوات أساسية تمكن الشركات من الاستثمار في التقنيات الصديقة للبيئة. بالإضافة إلى ذلك، توفر الابتكارات الرقمية، مثل إنترنت الأشياء (IoT)، والبيانات الضخمة، وتقنية البلوك تشين، قدرًا أكبر من الشفافية والكفاءة، مما يسمح للشركات بتحسين استخدام الموارد وتقليل الانبعاثات.
تعزز مبادرات الاستدامة في قطر، بما في ذلك تكامل الطاقة المتجددة، والخدمات اللوجستية الذكية، وتطوير البنية التحتية، دورها كرائدة إقليمية في إدارة سلاسل الإمداد المستدامة. علاوة على ذلك، فإن التعاون بين الحكومات والقطاع الخاص والمؤسسات البحثية يعد أمرًا ضروريًا لدفع التحول الشامل المطلوب لتحقيق الاستدامة طويلة الأجل.
وتختتم الورقة بالتأكيد على أن إدماج الاستدامة في سلاسل الإمداد ليس مجرد ضرورة بيئية، ولكنه أيضًا ميزة استراتيجية، حيث يمكن للدول والشركات تعزيز قدرتها التنافسية، والتخفيف من المخاطر، وتنويع اقتصادها في عالم يتزايد فيه شح الموارد.